السؤال.. شيخي العزيز أشكل علي فهم الفرق بين من يرفض أمرا من أوامر الله سبحانه و تعالى الذي هو كفر مثل الذي يقول أنا أعلم أن الصلاة واجبة لكن لن أقبلها، أو حتى مثل حالة إبليس, و بين من يقصر في تطبيق الأمر.
فإليك هذا المثال إذا حدثتني نفسي أن أمرا ما معصية من المعاصي, و مضيت و عملت ذلك الأمر و أنا أعلم أنه معصية فمثل ذلك الذي يقر بوجوب الصلاة إلا أنه يرفض الانقياد. كيف أعلم من أي النوعين أنا؟
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشتان ما بين من يترك المأمور ويفعل المحظور عالما بتقصيره مستشعرا لجنايته ملتمسا عفو ربه وبين من يقدم على ذلك آبيا حكم الله مستكبرا عن امتثاله يقول بلسان حاله أنا أكبر شأنا من أن يلزمني هذا الشرع كحال إبليس.
فكيف يشتبه هذا بهذا، فهذا الذي يزعم أنه لا يلزمه الشرع قد أبى واستكبر وهو بذلك من الكافرين وإن كان مقرا بأن هذا هو شرع الله، فإن امتناعه الالتزام به أحد نوعي الجحد، وقد بين شيخ الإسلام رحمه الله هذا المعنى.
فقال: ومورد النزاع-يعني في كفر تارك الصلاة- هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها وأما من لم يقر بوجوبها فهو كافر باتفاقهم وليس الأمر كما يفهم من إطلاق بعض الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم: أنه إن جحد وجوبها كفر.
وإن لم يجحد وجوبها فهو مورد النزاع بل هنا ثلاثة أقسام: أحدها: إن جحد وجوبها فهو كافر بالاتفاق.
والثاني: أن لا يجحد وجوبها لكنه ممتنع من التزام فعلها كبرا أو حسدا أو بغضا لله ورسوله فيقول: اعلم أن الله أوجبها على المسلمين والرسول صادق في تبليغ القرآن.
ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكبارا أو حسدا للرسول أو عصبية لدينه، أو بغضا لما جاء به الرسول فهذا أيضا كافر بالاتفاق.
فإن إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحدا للإيجاب فإن الله تعالى باشره بالخطاب وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين.
وكذلك أبو طالب كان مصدقا للرسول فيما بلغه لكنه ترك اتباعه حمية لدينه وخوفا من عار الانقياد واستكبارا عن أن تعلو أسته رأسه. فهذا ينبغي أن يتفطن له.
ومن أطلق من الفقهاء أنه لا يكفر إلا من يجحد وجوبها فيكون الجحد عنده متناولا للتكذيب بالإيجاب ومتناولا للامتناع عن الإقرار والالتزام كما قال تعالى:
{فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} وقال تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} وإلا فمتى لم يقر ويلتزم فعلها قتل وكفر بالاتفاق.
والثالث: أن يكون مقرا ملتزما؛ لكن تركها كسلا وتهاونا؛ أو اشتغالا بأغراض له عنها فهذا مورد النزاع كمن عليه دين وهو مقر بوجوبه ملتزم لأدائه لكنه يمطل بخلا أو تهاونا. انتهى.
ولعل به يكون قد زال عنك الإشكال.
والله أعلم.
الكاتب: أ. سارة فريج السبيعي
المصدر: موقع إسلام ويب